الاثنين، 25 فبراير 2013

مزامير الدهشة والتساؤل



----
ترنيمة قديمة

لازال يذكر الشيخ والعمامة ، لايفارقان مخيلته يوما ، ذلك الثوب القصير والعمامة ذات الذؤابة التي يعتمرها شاب ذو لحية مرسلة ، كل خميس يغدو مع أطفال الحي إلي جلسة في المسجد الجديد ، مسجد الإخوة الذي تبرع بأرضه أحد الأهالي ، علم بعد عشرين سنة أن الرجل كان ينتوي أن يسقط عن نفسه الدعوي التي تقيمها الدولة علي المواطن إذا ما(تعدي) بالبناء علي الأرض الزراعية
وتستثني من ذلك المساجد

يذكر أن الإخوة جمعوا الأموال وبنوا المسجد وأنفقوا كل مامعهم ولم يستطيعوا سقف المسجد ولافرشه فاهتدوا إلي سقفه بالغاب وفرشه بالحصير الذي تبرع به رجل (أرزقي) يصنعه يدويا
لازال حتي اليوم يذكر رائحة المسجد المميزة ، ويحس بها تزكم أنفه علي الرغم من العطر الذي تضعه زميلته في العمل ويعبق المكان برائحته ، لازال يحس ببرد رائحة ذلك المسجد في قلبه ، يذكر المصاحف القديمة والنسخ التي اهترأت من القراءة وإدمان النظر فيها
سيراهم يوما وقد جمعتهم صلاة يبكون فيها ، ويوما وقد جمعهم مجلس وعظ يبكون فيه ، سيبكي هو كذلك وهو طفل رغم أنه لايفهم شيئا وسيري والده يبكي وجارهم الشيخ المسن يبكي وسيسمعهما يوما يتبادلون الحديث عن الشيخ الذي غيبه السجن وسيعلم حين يكبر أن ١٧ رجلا قد أخذوا وألقي بهم في غياهب السجون
وسيري نفس الشاب صاحب العمامة وقد خلعها ، وسيتساءل صغيرا وتعلوه الدهشة متسائلا عن مصير العمامة. سيحنق علي الشاب بعد حين ، وسينساه بعد وقت ليس بالقصير وسيعاود حين يكبر قليلا مجادلته ، وسيهتدي إلي موافقته في رأيه ومخالفته في الوجهة
ليس من الصعب عليه اليوم أن يدرك أنه تربي في طفولته علي أيدي جهاديين أقحاح لازال يحتفظ لهم ببالغ الحب ، علي الرغم من أنه يومها كان يخفي في درج مكتبه نسخة من الإنجيل عثر عليها في بيت صديق فراوده عنها حتي اقتناها ، كان صديقه هذا صغيرا لاهيا عابثا حتي وقت قريب ، اليوم يتبني ذات الصديق طرحا متطرفا للغاية
لاتفارقه رائحة المسجد حتي اليوم لكن الدهشة بدأت تعلوه كثيرا هذه الأيام

يمضي صباحا كل يوم إلي عمله وذهنه مشغول بالبحث عن جواب لسؤاله الدائم بلا انقطاع ، متي أكتب قطعتي الخاصة ! ألواحي ومزاميري ! يجعل السؤال يلفه ويزيد من حيرته كل صباح ويستمر في إثارة كل التساؤلات التي تجهد عقله حتي الصداع.
اعتاد - كما عودته جدته - ألا يتناول منبهات الشاي والقهوة لكنه اليوم يسرف كثيرا في تناولها حتي يستطيع مواصلة عمله.
في الفترة الأخيرة توقف الصداع قليلا بعد أن اهتدي لإجابة لسؤاله ، لايعلم هل ستكون إجابة نهائية أم أن حياة التساؤل والمراقبة التي يعيشها ستجلب إليه بعد قليل إجابة أخري !
علي كل حال لقد قرر أن يتأمل في الكتاب المفتوح ويأخذ من ألواح القدر السابقة واللاحقة مايقيم به مزاميره.
هاهو يعتزم الترتيل من جديد
-----

مزمور الجمال

يتقابل معها صباحا عند المدخل ، تهتف به في جذل منغم اعتاده منها : هاللووووووو
يبادلها التحية بينما تفتح هي أزرار معطفها وتزيل الشال الصوفي الثقيلة المحيط برقبتها ، ثم تداعب خصلات الشعر المسترسلة في حركة تلقائية رقيقة بينما تتورد وجنتيها بحمرة الدفء لتبدو بوجهها الجميل قطعة مميزة تصرخ بكل تفاصيل الجمال النوردي الشهير
بعد قليل يراها مرة أخري في ثياب العمل الزرقاء وقد انحسرت عن رقبة جميلة ، يتذكر الشيخ والعمامة ويطرق برأسه أرضا ، هو في كل الأحوال لايستطيع إطالة النظر ، هكذا يهمس لنفسه في خجل
يخبره زميل مصري فيما بعد أنها بدت فاتنة للغاية في زي العمل الأزرق وهي تهز رأسها وسط الجلسة الصباحية في غنج واضح وأن مداعبتها لخصلات شعرها الشقراء كانت رقيقة حالمة

تشتعل تساؤلاته وهو يتذكر صورة الجمال المرتبط بالرقة في التعامل في مخيلته ، كان يفكر قديما أن كل جميلة هي رقيقة ولابد ، ولازال يفترض هذا حتي اليوم بعقل طفولي يصطدم دائما بحقائق الحياة

لازال يذكر يوما قدمت فيه هذه الجميلة إلي مكتب الأطباء حيث يجلس هو ، حيته بابتسامتها الجميلة وهي ترتدي معطفا أبيض زاد من بهائها ثم جلست علي الحاسب تبحث عن شئ ما ، بالطبع ظلت تداعب الخصلات الشقراء في رقة ، تثني كفها ثم تنثني بخدها عليه ، تقضم بعضا من أظافرها كطفل صغير مرتبك ثم تتراجع في مقعدها في خيبة أمل واضحة وهي تعقد ساعديها أمام صدرها وتواصل هز رأسها يمينا ويسارا تعبر عن حيرتها في الوصول إلي ماتبتغي
تقف أمام الملفات الورقية تواصل البحث عن مبتغاها ، تثني رأسها بالطبع وهي تدقق في الملفات فيسترسل شعرها مرة أخري وتضطر إلي مداعبته بأصابعها حتي ترجعه للخلف
حين تتجمد أصابعها للحظات وهي تمسك بخصلات الشعر واضعة إياها خلف أذنها ، يبدو المنظر الجانبي لوجهها غاية في روعة الخلق والجمال
لدقائق تبقي الجميلة مستغرقة في النظر إلي الملف حتي تعثر علي ورقة ترفعها بفرحة بالغة تزيد من تورد الوجه ثم تهتف موجهة كلامها إليه : كم أكره العجائز ! تلك الكائنات المعمرة التي تزعجنا فقط بأمراضها ! ألاينبغي علي أمثال هذه التسعينية أن تموت في هدوء بدلا من أن تشغلنا بتقاريرها المليئة بكل الأمراض !
لايجيبها وإنما يهتف بصوت خافت للغاية وقد بدا مصدوما : ربما ، لكن أنت تعلمين بالطبع أننا كأطباء لانملك قرار الحياة ولاالموت ، تجيب هي بسرعة : ينبغي علي من يملكه أن يكون رحيما بنا إذن ! أو عليه أن يتصرف هو ولايزعجنا
منطقها الفج الملئ بالجرأة والقسوة يتناقض تماما مع صورة الجمال الرقيق الساحر الذي يمثله نموذجه الخلقي !
لماذا لايرتبط الجمال بالرحمة ، بالرقة ، بالعطف والطيبة كما تخيله هو دائما
ليس هو فقط الذي جعل ذلك قاعدة ، بل حتي ثقافات الأمم المختلفة حدثتهم كثيرا عن (سندريلا) وعن الجميلات العطوفات اللاتي يوقعهن القدر دائما في طريق الأشرار حادي القسمات
لماذا إذن تستثني هذه الجميلة جدا من كل هذه المعايير ، هل هي أوراد الشوك المتجسدة إنسانيا ؟ هو لايرغب في رؤية أي ورود محاطة بالأشواك .
تلجؤه الدهشة والتساؤلات إلي إغماض عينيه والاستلقاء قليلا في كرسيه في حين تتوالي الأجوبة علي عقله غزيرة بالتفسيرات التي أنتجها عقله للتو ، بدا في كل الأحوال معتذرا للجميلة متفهما لضغوط العمل عليها
تتداعي إلي ذهنه بصورة تلقائية كل نماذج الجمال غير المكتملة التي قابلها في حياته وتشتعل التساؤلات مرة أخري
----

مزمور الرحمة

يلجؤه الصداع هذه الأيام للنوم عل تساؤلات عقله تتوقف ، يعاوده كذلك حلمه القديم ، كابوسه القديم مذ كان صغيرا حيث يري نفسه يسقط من عل وسط ارتباك وخوف وصراخ
هذه المرة يختفي الصراخ ، ويبدو الخوف يرافقه كأنما صديق حميم بينما يزيد الارتباك لأقصي حد وتزيد سرعة مشاهد الحلم حتي يحس بالدوار داخله!
يصحو دونما فزع ، لكن تسارع نبضات قلبه هذه المرة يخيفه أكثر من كابوسه الطفولي ويفزعه إلي حد تلاحق الأنفاس الذي يجبره علي الجلوس
لقد لاحقته التساؤلات وطاردته حتي وسط نومه وأحلامه
وهاهو يرتل مزامير الدهشة من جديد

يوم جديد إلي العمل ، الجمعة العظيمة كما يسميها حيث يرغب كل المرضي في الخروج من المستشفي ، هذا أمر جيد بالتأكيد ويرغب فيه كذلك الاستشاريون الذين يقودون العمل لكن هذا يعني عملا مضاعفا ومزيدا من الفحوص العاجلة والأوراق والتقارير التي ينبغي عليه وحده أن يكتبها !

تعود أن تتسارع دقات قلبه حين يبصر الساعة وقد بلغت الثالثة عصرا إذ أنه ينتظر غالبا أن تسوء حالة العديد من المرضي لسبب يراه هو غير مفهوم
يعلل هو ذلك بأن الأشياء لاتأتي في ميعادها عادة ، هذا جزء من تنظيم القدر نفسه أن تتوالي الصدف العشوائية بصورة منظمة تجعل من عشوائيتها مجرد إشاعة مغرضة

تهاتفه الممرضة بأن الحالة في الغرفة رقم ٢ تسوء ، يسألها : وماذا عن الحالات في غرف ٥ و ٦ ؟
تجيبه : لم يموتا بعد ! سوف ألقي نظرة
يدخل الغرفة رقم ٢ ليجد أهل المريضة قد أحاطوا بها في خشوع وقد أغرقت الدموع وجوههم ، الابنة التي بدت متأثرة للغاية تمسك بكف العجوز المريضة التي تدهور وعيها منذ ساعات وهي تبكي في حرقة في حين ينزوي الباقون في أركان الحجرة تمتليء مآقيهم بالدمع
بينما أفحص المريضة ، قاطعني صوت الابنة في تهذب واضح مليء بالدموع : هر دوكتور ، أنا أحس أن أمي ستموت
أنظر إليها مجيبا : أنت تعلمين أن أحدا لايستطيع أن يجزم بشيء مثل هذا ، الله وحده يعلم هذا
ترد في عجل : بالطبع بالطبع ، أنا أؤمن بالله ، ثم تؤدي حركة التثليث المسيحية الشهيرة
تضيف : أنا أفضل أن تموت في البيت بيننا ، ليس ثمة مانفعله سيدي الدكتور
لديه إجابات قد أعدها هو وطورها وسط بحثه المضني عن أجوبة لتساؤلاته ، يقول وهو يحاول أن يبدو متماسكا واثقا بلهجة علمية وحازمة : أنا أؤمن أننا لانستطيع الحكم علي شخص ما بأنه مات قبل أن يريد الله ذلك ، وأؤمن أيضا أن خير مكان يموت فيه المريض هو المستشفي حيث يكون علي الطريق يبحث عن فرصة لامستسلما للمرض علي سرير البيت
تقاطعني وسط دموعها وهي تنتحب : لكنها لاتستطيع المزيد ، صدقني سيدي لاتستطيع المزيد
تضيف : يمكنني أن أوقع لإخلاء مسئوليتك القانونية
حين دخلت الغرفة مرة أخري لأحصل علي توقيع الابنة كانت الابنة تنتحب بمزيد من الدموع وهي تحتضن الأم التي بدت بالفعل في لحظاتها الأخيرة ، وقعت علي الورقة ثم قالت في تهذب واضح : أعتذر ياسيدي عن كل هذا القلق ، أعذرني فقد عشت مع أمي طيلة حياتي لم نفترق
خرجت من الغرفة وأنا أحس أن جدران المستشفي تمتلئ بالمهابة وتذكرت يومي الأول الذي طلب مني فيه أن ألقي النظرة الثانية علي مريضة بالسرطان توفيت بعد معاناة طويلة
يومها رافقني زميل من كوسوفو ، بالطبع كانت رهبة عظيمة لي أن ألج لأول مرة وسط الطقوس المسيحية والصلبان المعلقة والوجه المسجي المغطي بملاءة بيضاء
كشفت الملاءة وفحصت المتوفاة ووقعت الأوراق
حين خرجنا من الغرفة قال لي صديقي الكوسوفي : ألا تري السخط يتنزل علي وجه المرأة الميتة !
قلت له : في الحقيقة لم أره ولم أكن مهتما به ، قد يكون ! لكنني لم أتشوف لرؤيته
يومها جادلني كثيرا في هذا وجادلته حول لزوم تلك العلامات ووجودها وحول أنه يراها واضحة
قلت له وأنا أنهي الحوار : ياأخي العزيز ، إننا لم نتعبد بالبحث عن هذا فضلا عن أن ثلاثة أسباب تمنعني من الحديث عن هذا الذي تبحث عنه
أولها أننا في حضرة الموت وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يجل الموت والروح بل ويقف إكراما لها وقد مر به من تيقن دخوله في عذاب الله
ثانيها أن السيدة هيلجا مريضتي منذ فترة ليست بالقصيرة وقد عانت في أيامها الأخيرة معاناة شديدة وكانت لطيفة المعشر للغاية ويمكنك أن تقول أنه تكونت بيننا علاقة طيبة كوني طبيب القسم المعالج لها عن قرب ، بل أزيدك فقد كانت ملحدة لاتؤمن برب أو دين ، لكنها تبقي مريضتي التي لن يخدش إيماني عطفي عليها واعتنائي بها ، ولن يخدش عقيدتي أن أتحدث عنها بعد موتها
وأما ثالث أسبابي فهو مهني بحت كوني طبيبا لايجوز له إفشاء الأسرار الطبية ، وهذا شيء أموت دونه
يومها تبرم الصديق ضائقا بكلامي بينما سرحت أنا بخيالي إلي حادثة مرت بي ، يوم طلب مني أن ألقي النظرة الأخيرة علي أحد أعدائي بل واحدا ممن كنت أظنه عدوا لله ومحادا للمؤمنين وقد عرف بظلم وبغي يعلمه الله
يومها ألقيت النظرة الأخيرة علي الرجل وعزيت أهله وأولاده وبعد أيام سري الخبر بين بعض الناس أن وجهه كان كذا وكان كذا وأن سخطات اللعنة وشياطين العذاب قد اجتاحت الرجل
ولازلت أذكر أحدهم وأنا أوبخه وأسمعه بصوت عال : والله لقد عاينت الرجل فمازاد عما أراه من الموتي وأما ماتقولونه من أساطير تنسجونها فليست إلا فساد اعتقاد وتأل علي رب لاتعرفون رحمته

وهاأنا ذا لازلت أبحث عن ارتباط الرحمة بالجمال الظاهر ! وعن سندريللا التي تقوم بدور الساحرة الشريرة وتقدم لنا التفاح المسموم
----

مزمور الدهشة


في عطلة نهاية الأسبوع يصحو من نومه قلقا إثر ليلة اضطرب فيها كثيرا وتقطع نومه واستيقظ علي
أسئلة وأجوبة ، وفي كل حال لم يجد اطمئنانا للجواب أو السؤال

الجديد في الأمر أنه الآن لايدري شيئا عن أسباب تنوعات أحلامه المتسائلة !
بالأمس يستمع لأغنية قديمة لأسمهان كاملة علي الرغم من أنه لايحفظ الأغنية علي الحقيقة بل لايذكرها إلا لمما ، بالتأكيد فقد كان له اهتمام في حياته بأسمهان وليلي مراد ، لكنه في الحلم سمع أسمهان وهي تترنم بوضوح (عليك صلاة الله وسلامه)
رأي نفسه يناقش صديقه أبوريان مرة أخري عن فيلم (البؤساء) الجديد ، يعيد عليه وعلي إبراهيم الصياد -وسط الحلم- نقده اللاذع للفيلم
هاهو يتذكر أنه قال لهما بالحرف : الفيلم الذي يختزل المشهد العبقري لـ(ألفي بوي)وهو يغني في تضرع (إلاهنا الذي في السماء) في أقل من دقيقة وبصوت مغن أوبرا مبتدئ هل يستحق الجوائز !
الفيلم الذي يختصر مشهد (نخب الصداقة) الذي يغنيه طلاب المدرسة الثائرون في كليمات قليلة ، يهتف بهم في حلمه : هذا هراء رأسمالي للمسرحية العبقرية
يتذكر بعد استيقاظه أنه سمع مناقشة لايذكر من صاحبها وأحدهم يتساءل في استغراب شديد : لماذا لم يفز فيلم (غرام في الكرنك) بالأوسكار أو أحد الجوائز العالمية !
يخبره صديق أن هذه قد تكون علي المدي الطويل مضرة بعقله ، أصبح لايبالي ، بل يجمع مزامير دهشته وتساؤلاته المتراكمة ويكتبها علي الألواح

قبل يومين يحادث زوجته عبر الانترنت ويستطيع عن طريق الكاميرا أن يري ابنته الصغيرة التي لم يقابلها منذ ست شهور ، تبحث الصغيرة في حيرة عن ذلك المجهول الذي يفترض به أن ينقل صورتها إلي والدها عبر المتوسط وصولا إلي بحر الشمال ثم ماتلبث عيناها أن تتسع في اندهاش يلمحه هو ، البنت تبدو جميلة جدا حين تتسع عيناها ثم تسفر عن ضحكة صاخبة حين تري صورتها تملأ الشاشة ، يقول لزوجته : دي بقت صبية ماشاء الله ، عروسة والله
يحاول مداعبة الصغيرة عبر الكاميرا وكلما ضحكت تتسع عيونها فتبدو أجمل !
بعد قليل تقوده أقدامه بلاهدي في شوارع المدينة ، لم تجذبه كثيرا أسراب الشقراوات اللائي يبدو أنهن يعتزمن الحصول علي الكثير من الصخب وسط تلك الملابس الصارخة
لكن الطفلة الصغيرة التي وقفت تحدق في فراشات الحديقة وتطاردها في فرحة عارمة كانت عيناها كذلك تتسع كلما ضحكت ، راقبها كثيرا وحين رأي اتساع عينيها في اندهاش وقر في قلبه أنه لايزال طفلا ، وأن مشكلته الحقيقية وأرقه المستمر لايزال يحمل وزره ذلك الطفل الذي لايغادره ويواصل الترنم بالتراتيل المتسائلة ومزامير الدهشة المتواصلة
يتذكر أنه منذ أيام امتلأ حائط صفحته علي الـ(فيسبوك) بتهاني عيد ميلاده التاسع والعشرين
- التاسع والعشرين ! هكذا يهتف وتعلوه الدهشة مرة أخري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق